نشرت بعض المجلات الإيرانية (1) قبل أربع سنوات (2) مقتطفات من محاضرة ألقيت في أحد المؤتمرات الإسلامية في الهند حول الموضوع من قبل الدكتور سيد عبد اللطيف الحيدرآبادي ، رئيس معهد الدراسات الثقافية حول الهند والشرق الأدنى ، ورئيس أكاديمية الدراسات الإسلامية في حيدر آباد ، حيث نُشرت بعد ذلك باللغة الإنجليزية ، وقد ادّعى الدكتور المذكور أنّ رسول الله (ص) كان يقرأ ويكتب حتى قبل عصر الرسالة !!
وكان نشر هذه المقتطفات سبباً لهياج خاص بين القرّاء الإيرانيين ، فكثرت التساؤلات والمراجعات حولها آنذاك ، فتحدّثت باختصار يومئذٍ ، وها أنا أتعرّض بالتفصيل لما ذكره ؛ إشباعاً للتوق والتطلّع نحو الحقيقة من جهة ، واهتماماً بالأمر ـ خصوصاً وهو يصدر من أمثال الدكتور سيد عبد اللطيف ، ويحوي نقاطاً يبعد صدورها من محقّقٍ فذٍّ ـ من جهة أخرى .
ـــــــــــــ
(1) مجلة روشنفكر ، العدد 8 و15 ، من سنة 1964م ، وغيرها .
(2) طبعاً من تأليف الكتاب .
الصفحة 28
إنّه يدّعي :
1 ـ أنّ علّة القول بأنّه (ص) لم يكن يقرأ ولا يكتب ناشئة من خطأ المفسّرين في تفسير كلمة ( أُمّي ) التي جاءت في سورة الأعراف الآية : (156) و(157) ، حيث يقول تعالى :
( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ ... ) [ 157 ] .
( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ... ) [ 158 ] .
فيرى أنّ المفسّرين فسّروا الكلمة بـ ( الذي لا يقرأ ولا يكتب ) مع أنّها لا تعني ذلك .
2 ـ أنّه توجد في القرآن الكريم آيات أخرى يفهم منها ـ بصراحة ـ أنّ رسول الله كان يتقن القراءة والكتابة .
3 ـ وأنّ بعض الأحاديث المعتبرة والمنقولات التأريخيّة أثبتت بصراحة أنّه يحسنهما .
هذه خلاصة المدّعيات المشار إليها ، وسنتعرّض لها فيما يلي بالنقد والتمحيص .