Rss Feed


  1. لم يُحكَ عن أحد من العالمين أنّ أصحابه وتابعيه ومؤيّديه اهتموا به وبكلّ شأن من شؤونه كما اهتمَّ المسلمون بشئون نبيّهم محمّد (ص) صغيرها وكبيرها ، حتى شئونه الخاصة مع أهل بيته (ع) وأزواجه (رض) ، ممّا دفع البعض إلى القول معجباً بهذا الاستقصاء : ( من شدّة اهتمام المسلمين بمحمّد (ص) : أنّك لو سألت أحدهم : كم كان عدد شعرات لحيته الشريفة ؟ لأجاب ) كناية عن الاهتمام الزائد لمعرفة كلّ تفاصيل حياته وخصائصه .
    وهذا الاهتمام ليس بغريب ؛ ذلك أنّ ما يسألون عنه أو يتعرّفون إليه إنّما يرغبون فهمه ليكون سنّة عندهم يتعاملون بها فيما بينهم .
    مع شدّة الاهتمام هذا ، لم يدّع أحدٌ من صحابته وتابعيهم (رضوان الله عليهم) أنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) كان يقرأ ويكتب ، بمعنى أنّه يكتب على ورق ويقرأ في ورق ...
    وهال المستشرقين المغرضين والمبشّرين وتلامذتهم أن يكون للرسول محمّد (ص) هذه الكرامة والمنزلة من الله سبحانه ؛ إذ لم يجدوا في شخصه وسلوكه أدنى عيب . وهالهم أكثر القرآن


     الصفحة 4

    العظيم وما فيه من إعجاز إلهي ونور هداية .. وتحدّيه الثابت الدائم للبشر بأن يأتوا بسورة من مثله !!
    إنّه المعجزة الخالدة الباقية على صدق الرسول وصحّة الرسالة . أمام هذا الإعجاب والسموّ كان موقف المغرضين لا الانصياع للحقّ ـ كما يقتضي الواجب ـ بل التشنيع والتشكيك اعتماداً على ادّعاءات واهية . وتبعهُم على ذلك أشباه المثقّفين وأدعياء العلم آخذين مقولاتهم أخذ المسلّمات ، دون الرجوع إلى محكمة النصوص كما تقتضي الأمانة العلمية والشهادة للحقّ .
    وفي هذا الكتيّب ( النبيّ الأميّ ) يقدّم لنا الشهيد السعيد العلاّمة الشيخ مرتضى مطهّري (رضوان الله عليه) بحثاً وافياً وموضوعيّاً عن مسألة ( أميّة النبيّ ) (ص) ، وإنّه لم يعرف القراءة ولا الكتابة طوال حياته حتى ما بعد البعثة .
    وهو يقيم الأدلّة المنطقيّة والتاريخيّة شاهداً في مناقشاته لآراء أولئك الذين أصرّوا مكابرين على ادّعائهم بأنّه (ص) كان يقرأ أو يكتب ، أو أولئك الذين ذكروا هذه المسألة عن جهل بالواقع معتقدين حصولها فيما بعد البعثة الشريفة على الأقل .
    ويكفي أنّ القرآن الكريم نفسه فيه أدلّة شافية تشهد على صدق النبيّ (ص) وعلى أمّيّته . وبما أنّ الإنسان كان أكثر شيء جدلاً ، رأى مطهّري (رض) أن يعالج هذه المسألة من جميع جوانبها ، في القرآن والتأريخ ومع المحْدَثين ، بحجّة واضحة


     الصفحة 5

    ومنطق سليم .. وهذا الجهد هو جزء من جهاده الفكري الفذ الذي قدّمه لأمّته في طريق النصر ، حتى إذا ابتدأت مسيرة البناء التي كان مرشّحاً لأداء دور كبير فيها ، جاء ردّ العاجزين عن المنطق بسفك دمه الطاهر ؛ مكابرة وعناداً ، فقضى شهيداً في سبيل الله .
    ووفاءً لذكره وذكرى شهداء الإسلام ودفاعاً عن الحقّ تقدّم الدار الإسلامية للأمّة وشبابها المثقّف هذا الكتيّب المترجم عن الفارسيّة ..  ومن الله نستمد القبول ، وبه نستعين .

    الناشر